عندما يتحدث المواطنون عن التعليم في جهة الداخلة وادي الذهب، تتبادر إلى الأذهان تلك الصورة القاتمة التي أصبحت تجسد أزمة متفاقمة تتجلى في سوء التدبير والفوضى التي أصبحت السمة الغالبة على الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين.
قرارات عشوائية، تعيينات غير مستحقة، ومحاباة واضحة لبعض الأطراف النقابية والسياسية، هي التي باتت تتحكم في دفة هذا القطاع الحيوي. وفي ظل هذه الأوضاع، يتساءل المرء؟ أين نحن من تحقيق نهضة تعليمية في المنطقة؟
إن ما يشهده القطاع اليوم من تعيينات عبثية، مثل تعيين مدير لمدرسة “عبد الله ولد باهيا” رغم الأداء الكارثي في مدرسة ابن خلدون، يضعنا أمام مشهد مليء بالغرابة، وكأن كفاءة المرء لم تعد مقياسًا، بل إن الحظوة النقابية والتواطؤ السياسي أصبحتا هما العملة الرائجة. هذه التعيينات تأتي في تجاهل صارخ لمسطرة الحركة الوطنية لرجال التعليم، وعدم الإعلان عن مناصب المسؤولية كما تقتضي الشفافية.
فبدلاً من محاسبة المدير الذي غاب عن منصبه السابق لمدة ثلاث سنوات يشهد عليها الجميع، ها هو يُكافأ بمنصب آخر، بل ويُضاف إليه “مختص تربوي” ضمن هيكل إدارته الجديدة، ليكون “وفقًا للقانون” مستعدًا لتبرير غيابه المستقبلي وراء أهواء السياسة.
إن حال التعليم في منطقتنا بات أشبه بما قاله الشاعر “لقد أسمعت لو ناديت حيًا، ولكن لا حياة لمن تنادي” فما يحدث هنا هو صراخ في وادٍ لا يصل صداه إلى المسؤولين، أولئك الذين يفضلون المجاملات والمحسوبية على مصالح التلاميذ ومستقبلهم.
كيف يمكن أن نثق في منظومة تعليمية يديرها أشخاص اختيروا لأسباب غير مهنية؟ وكيف يُعقل أن تتم مكافأة المدير الذي فشل في تسيير مؤسسته بتعيين آخر؟ وكيف يستمر العبث بتكليف آخر “حارس عام” مديرًا لمدرسة ابتدائية “شبح” ذات قسم واحد كان يمكن إلحاقه بأخرى، بدل أن يظل في منصبه بثانوية الحي الجديد، التي تستقبل أكثر من ألف تلميذ وأصبحت الآن من دون الحارس العام الوحيد بها؟ فمن يتحمل مسؤولية تدبير شؤون هؤلاء التلاميذ؟
لا شك أن هذه الفوضى ستؤدي إلى تدهور جودة التعليم بشكل أكبر. وكيف ننتظر من المؤسسات أن تزدهر إذا كان المسؤولون عنها أول من يرقصون على أنغام المحسوبية واللامبالاة؟
إننا نوجه رسالة مفتوحة إلى وزير التربية الوطنية، شكيب بنموسى، بضرورة التدخل العاجل لفتح تحقيق نزيه وشامل في هذه التعيينات التي تفتقر إلى الشفافية. ويجب أن يوضع حد لهذه السياسات التي تضر بالقطاع وتعمق أزمة التعليم في الجهة.
فالمستقبل لا يمكن بناؤه على أساسات هشة قائمة على التواطؤ والمصالح الشخصية، ولا يستقيم الظل والعــود أعوج!!