فكرة البام

فريق التحرير31 مارس 2018
فكرة البام

يعيش أنصار حزب الأصالة والمعاصرة قلقا كبيرا حول مستقبل حزبهم، فتاهوا بين هواجس طرح السؤال عن الاستمرارية، والبحث عن جواب الكيفية، حتى أصبح البعض منهم يجزم بأن الحزب قد أصيب بعطب كبير، ولكن ما هو؟

في مقابل ذلك هناك أصوات منهم ترتفع اليوم، وبقوة لإنقاذ هذا المشروع المجتمعي والسياسي، الذي تموقع داخل المجتمع بشكل أو بآخر، بل كان ولايزال – رغم أن البعض حاول الانقضاض عليه – مشروعا مجتمعيا متكاملا، ربما من بين أسباب عجزه أنه جاء مغرقا في الآمال دون رؤية واضحة، أو برنامج محدد، أو حتى شكل تنظيمي معين.

وفي ظل المواجهات التي عرفها حزب البام، وكذلك الهجمات التي تعرض لها، وحتى الضربات التي تحملها لطبيعة مكوناته وللدور الذي رسم له، حاول البعض أن يزحزحه من مكانه باحثا له عن موقع خارج تاريخ السياسة، معتقدا أن الواقع تغير، وأن المعطيات قد تحولت، غير أنني أعتقد أنه مازال هناك أمل في ثنايا هذا الحزب ليلعب أدوارا متميزة في الساحة، وذلك، أولا، بتخليصه من أصابع ممسكة بعنقه. ثانيا، بإعادة بناء تصوره النظري ليعكس بوضوح رؤية شريحة اجتماعية لم تجد لها موطئ قدم في الساحة السياسية إلا من خلال هذا الحزب. ثالثا، بخلق هياكل وتنظيمات حقيقية ومضبوطة تستطيع أن تتفاعل مع القواعد والطبقات الوسطى بكل ما تحمله هذه الأخيرة من طبائع إيجابية وسلبية، وبالتالي، فإعادة النظر في هذه المرتكزات الثلاثة يمكن أن تشكل مدخلا لإنقاذ هذا المشروع الكبير، لأن المشروع ليس هو السيئ، بل طريقة إدارته هي الأسوأ.

إن المشروع السياسي والمجتمعي لحزب الأصالة والمعاصرة لايزال قادرا على لعب دور استثنائي وتاريخي، في بناء تلك الحركة السياسية التي ستساهم في إذكاء الديناميكية السياسية داخل مجتمعنا، فالأفكار الكبيرة لا تموت ولن تفشل أبدا، وأن الأشخاص هم الفاشلون.

وعليه، فإننا لازلنا نعتقد أنه على الباميين أن يتحمسوا، ويتحدوا، ويعيدوا النظر في الكثير من تحركاتهم وفي أفكارهم لبناء موقع متميز في ساحة العمل السياسي، وأن لا يلتفتوا إلى جدار الصمت أو يتأثروا بالأحكام الجاهزة بالفشل، لكونها تحليلات أولئك التقنوقراطيين الذين، ربما، تم تسييسهم بالإكراه.

فلا يمكن لمكانة حزب الأصالة والمعاصرة داخل المجتمع، أن تقرصن من طرف أي كان، سواء بادعاء القرب من مراكز القرار في الدولة، أو بقوة المال، أو حتى بالهجمات اللفظية المبنية على تصفية حسابات سياسية ضيقة، فالبام لم يعد ذلك الحزب الذي ظل يجلده البعض لإرضاء شعبوية صنعتها ظروف سياسية عربية ودولية، ولن يكون أبدا تلك المرأة التي يضاجعها البعض ليلا ويشتمها نهارا، ولذلك على الذين يضربون أخماسا في أسداس ويحكمون على الأصالة والمعاصرة بالزوال، أن ينتظروا كثيرا دون جدوى، بل الأكيد أنه سيخيب ظنهم، لأن البام وجد ليستمر، ثم إنه بات معادلة صعبة لا يمكن إلغاؤها، بسبب كبوة انتخابية أو سوء تدبير مرحلي، وكذلك حتى ولو كان البعض يعتقد بأن الثروة أقصر ممر نحو السلطة، أو إن الشعبوية مناط للهيمنة على الانتخابات، فيكفي أنهم ودون وعي منهم يربطون ضمان استمرارية وجودهم في نهاية البام، غير أن ما يتجاهلونه من خلال عقليتهم الاتهامية الشيطانية هو أن البام مثله مثل جميع الأحزاب السياسية، فيه الأخيار وفيه غير ذلك، وأن قوته تكمن في كونه مشروع فكرة قوية لها مبرراتها التاريخية والواقعية، والفكرة مهما تم تلطيخها بلغة البعض وبتصرفات الآخرين، تؤكد يوما بعد يوم صوابها ومشروعيتها، فحزب الأصالة والمعاصرة مشروع مجتمعي حداثي ولا تهزه حكومة مهترئة، أو أحزاب استيقظت متأخرة وتعتقد أنها ببساطة يمكنها أن تلغي فكرة بحجم البام. لهذا فما يمكن قوله لأولئك الذين يهاجمون البام ويعتقدون بزواله، سوى ما قاله الشاعر: “… أبشر بطول سلامة أيها البام”.

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

الاخبار العاجلة