جدد عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية الجزائرية، انتقاداته الإعلامية الموجهة إلى المملكة المغربية خلال استقباله وزير الخارجية الأمريكي؛ لكنه قام، هذه المرة، بترويج مجموعة من المعطيات التاريخية غير الدقيقة حيال علاقات الجزائر والمغرب.
وأورد تبون، في الكلمة التي ألقاها أمام أنظار وزير الخارجية الأمريكي، بأن “العلاقات الثنائية بين المغرب والجزائر لطالما شهدت تقلبات دائمة منذ الاستقلال، ولا يرجع ذلك إلى قضية الصحراء فقط، بل مرده إلى المقاربة التوسعية للرباط”.
واتهم الرئيس الجزائري المملكة بسعيها إلى “زعزعة استقرار المغرب في مرحلة تاريخية معينة”، معتبرا أن “إغلاق الحدود بين البلدين طيلة العقود الأخيرة أمر غير طبيعي، والشيء نفسه ينطبق على مستوى العلاقات السياسية والدبلوماسية”.
وحاول المسؤول الجزائري أن يُنكر تدخلات “قصر المرادية” بخصوص دعم جبهة “البوليساريو”، حينما شدد على أن الجارة الشرقية “تتعامل مع القضية الفلسطينية وقضية الصحراء بالنهج نفسه لأن الأمر يتعلق بنزاعات دولية”.
بروباغندا خارجية
عبد الواحد أولاد ملود، باحث في الشأن الأمني لمنطقة شمال إفريقيا، قال إن “أصحاب القرار الأمريكي لمسوا تلكؤ الجزائر إزاء المشاكل الملتهبة التي تؤرق المنطقة؛ ما دفع وزير الخارجية إلى زيارتها لتقريب الرؤى، لكن الجزائر تقوم على الدوام بخلط الأوراق”.
وأضاف أولاد ملود، في تصريح لجريدة الصحراوي24 الإلكترونية، أن “ادعاءات الرئيس الجزائري بكون الصحراء ليست أصل النزاع الإقليمي واهية، لأن الأمر يتعلق ببروباغندا خارجية فقط”، لافتا إلى أن “الاعتراف الأمريكي والإسباني بمغربية الصحراء جعل الجزائر تعود من جديد إلى خطاب المظلومية”.
وأبرز الباحث أن “الصحراء المغربية تبقى العقدة الوحيدة للنظام العسكري الجزائري القائم على أساس معاداة مصالح الرباط”، خالصا إلى أن “الجزائر أظهرت للرأي العام الداخلي والخارجي مواقفها الحقيقية من النزاع في ظل التطورات السياسية الأخيرة”.
وهن سياسي
عبد الفتاح الفاتحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الإستراتيجية، أفاد، من جهته، بأن “ما عبر عنه عبد المجيد تبون يسعى من خلاله ليس إلى تأكيد موقف سياسي، لكن إلى البحث عن تحديد أساس للتفاوض مع المملكة المغربية، أو بالأحرى البحث عن ضمانات تخص موقعها من القضايا الإقليمية والدولية”.
وأورد الفاتحي، في تصريح الصحراوي24، أن “الجزائر تبحث عن أسس للتفاوض طالما أن المملكة المغربية يزداد نفوذها بدعم دولي كبير، وعلى رأسه الموقف الأمريكي والإسباني والألماني والفرنسي من نزاع الصحراء”، لافتا إلى أن “الدفوع المطولة التي أدلى بها الرئيس الجزائري لن تغير شيئا من موقف الولايات المتحدة الأمريكية”.
وتابع: “لتعزيز دفوعه بأن تقوية المغرب ستكون على حساب الجزائر، قام بتعداد ما يعتبره نظرة توسعية في العقيدة السياسية للمملكة المغربية، حين افترض أن هدف الهجوم المغربي في 1963 كان لاقتطاع أجزاء في الجزائر، وكذا بعد المطالب المغربية بموريتانيا، ثم انتهى إلى قضية الصحراء”.
وأردف الباحث السياسي: “إذ يعلن تبون بأن بلاده ليس لها نظرية عسكرية دفاعية، وأنه لم يكن لديهم أبدا نظرية للهجوم أو الذهاب إلى مكان آخر، فإنه يبحث عن ضمانات تتعلق بتوازن سياسي وعسكري مع المغرب”، ليواصل بأن “ما عبر عنه الرئيس الجزائري من ادعاءات تجاوزها الزمن يعكس حالة من الوهن السياسي أمام تحولات تفوق التقدير الجزائري”.
وختم الفاتحي تصريحه بالقول: “بدا الخطاب الجزائري بعيدا عن خطب الغطرسة التي كان يتحدث القادة الجزائريون إلى التوسل بخطاب الضحية، التي تبحث عمن يحميها مما تفترضه جبروت مغربي؛ وهي بذلك تراود أمريكيا بالقدر الذي تعتقد أن المملكة المغربية تستقوي بها على بلاده”.