حادثة وفاة عامل كهرباء في ورشة بناء بحي لاڤيردا شمال مدينة الداخلة، بعد سقوط حائط عليه، لم تكن مجرد قضاء وقدر، بل جرس إنذار مدوٍ يفضح واقعاً مريراً من التسيب والعشوائية في قطاع البناء داخل نفوذ جماعة العرگوب.
يكفي أن تقوم بجولة قصيرة بحي لافيردا، أو تتجه نحو وشاطئ بوطلحة، لتصطدم بمشهد سريالي من الأبنية المتناثرة، كثير منها شُيد دون ترخيص، وفي واضحة النهار، وتحت أنظار قائد وأعوان السلطة المحلية. فمن يملك الجرأة على القول إنه لا يرى؟ ومن يملك الشجاعة لوقف هذا النزيف العمراني؟
العشوائية لم تقف عند حدود البناء فقط، بل امتدت إلى رسم طرق غير معبدة تُضاء بإنارات غريبة وكأنها لتضليل الواقع لا إنارته. الأخطر من ذلك أن العبث طال المناطق الرطبة ذات الحساسية البيئية، حيث تغيرت معالم خليج وادي الذهب بفعل بنايات متسللة تُخفيها الأجراف، في تحدٍّ صارخ لكل قوانين التهيئة والتعمير، ولكل محاولات المحافظة على الهوية الطبيعية للمنطقة.
ما يحدث في جماعة العرگوب هو خلل بنيوي لا يمكن تبريره باللامبالاة فقط، بل يتطلب تدخلاً صارماً وحازماً من والي الجهة “علي خليل”، الذي يُنتظر منه أن يقود حملة حقيقية لإعادة الأمور إلى نصابها، ومحاسبة جميع المتورطين، مهما كانت مواقعهم أو انتماءاتهم.
الداخلة تشهد اليوم طفرة نوعية في تأهيل بنيتها التحتية، لكن هذا الجهد التنموي الكبير يبقى مهدداً أمام تمدد فوضى عمرانية غير محسوبة العواقب، وأمام مسؤولين محليين اختاروا غض البصر حين وجب عليهم حماية القانون والمصلحة العامة.
فحين يكون الموت تحت أنقاض الفوضى.. من يوقف العبث؟ وومن يتصدى لعشوائية تخنق الجمال وتُهدد السلامة؟ الجواب لا يقبل التأجيل.